Wednesday, December 23, 2009

لقطات من حزن قديم .. حاتم مرعي

الهيئة العامة لقصور الثقافة
سلسلة إبداعات العدد 135
ديوان لقطات من حزن قديم
للشاعر حاتم مرعي
الطبعة الأولى أغسطس 2001
لوحة الغلاف للفنان محمد عبد الحميد

الإهداء

- أمي : الطفله أم ضفاير
- أبويا : اللي علمني حروف كتير
وهبتها للشوارع
- إخواتي الطيبين
- زوجتي وأولادي : سحر وعبدالرحمن ومصطفى
دنيتي الصغيره الواسعه
- قهوة أبو سكينه ..
- وأيام الفوضى الجميله

كتبت هذه القصائد في الفتره من 1994 إلى 1996


لحظات هروب




بيرم التونسي

" أربع عساكر جبابره " يفتحوا المنفى
يلاقوني قاعد باوضب الشيشه
واطل من شباك على بحري
ألقى عروسه من ورا البيشه
و"مانولي" بيعبي في كاس مخروم
وكان رصيف المينا يشبه قطوع خماره
بتودع قمر مخنوق على سلم المركب
وعيون نايمه نص نومه
على مشربيه غرقانه في بحر السين
منين تلاقي رغيف يعشيني
وفين تلاقيني
مين اللي طابع وشه في المنديل
الضحك ولا البكا !
بخار بينزل من ورا إزازك
شاقق حواري الخد
" قد أوقع القلب في الأشجانِ والكمدِ "
تعريفه نايمه ع الرصيف
في زنقة الستات
وأوروبا بتصوت في نص الليل
" شوف الجاموس لما يشرب من شطوط النيل "
وشوفني واقع من خرم " سياله "
قلقان ونومي خفيف على رصيف مرمر
...........................
حافي يا نص القدم
ونص بيحاول
يعدي من غير تذاكر
ويفك رهن الروح
تلتين لبلدي وتلت للغربه
خرجوا الغنم فتافيت
من شمس عريانه
وكان النديم واقف يحيي العلم
لمحني واقف في الطابور بدري
فاتح كتاب الفن ع " العوده "
" يابورسعيد والله حسره ولسه ياسكندريه " .




طالع من البرواز يغني

عيل عبيط
مركون في هامش حلم
لكن بيعرف يبتسم ويحب
راكب حصان مخطوف من الجنه
لابس قميص أقدم من الحواديت
عينه اليمين مقفوله
من قصيده فاتت
عينه اللي ماتت لسه مفتوحه
كان قلبه سايب ديله ع الكرسي
حبة حروف
هربانه م المشهد
وسطر مسنود في القصيده
بعلامة استفهام ..
إيه اللي ممكن أصدقه دلوقت
وأكدبه بعدين ؟!
عرق الشوارع نشف
مافضلش غير ملح الرصيف
بيلملم الدمع اللي نازل من صوابعي
وبيغتسل ع الورق
مين فرقك فيا
ومادنيش نايب
روحي اللي شبت
ولا شارع شايب
ولا الورق متقصقص الجناحين
كفي اليمين مرمي فوق تل الصور
دايس على كل جنات العبيد
بخمس خيول اتبسموا للنار
دنيا هزار ..
ونفس سيجارة طابق على صدري
زي يوم " الاتنين "
بيرم ماهوش برواز
والواد مالوش في الرسم
كل الحروف بتنام

تحت جلد القصايد
وتلات قهاوي مرصوصين ع الحيط
في لقطه بهتانه
خلت عيوني روحت بدري
وسابتني للفـُرجه .




على أد حالي حالك بيوجعني
إلى " سيد عبدالرحيم "

الواد اللي بيسبح جوه ضلوعي
ومابيغرقش
شايل على ظهره
روحين ، لغتين ،
وبحر وحيد .

لو أصبح طفل عديم اللون والشكل
لو يكمل فيا الحرف الناقص
راح أقص ياقات كل القمصان البيضا
واموت ..
...................
ياحمام براوي
حاطط على غية قلبي المهدود
الليله هانكتب
كل الشعر الباقي في ديوان الكون
يمكن مجانين الشارع ترفض

يمكن نتقابل
مع ريش الطير السابق كل خطانا
وندوب في حدود تعرفنا
أو مش عارفانا
ونفرق فتافيت الصمت
الواقفه تصد آهات الليل
وتآخدنا ندوق طعم التراحيل
والحاره بتهرب في الشارع
والشارع هربان في الحي
والحي بيهرب في الميت
فنارات بتخاوي قناديل البحر
لو كنت صحيح
بترص الطوب الساقط من أول حكمه
فانا لسه بانور كل الفوانيس في العتمه
وباضحك ..
باضحك من إيه ماعرفش !
يمكن م الحزن الواقف على طرف لسانك

يمكن م الخطوه الغرقانه في " شارع الجيش "
واحنا بنحاول رسم ملامح لـ " الجيل الباهت "
أو من نفس البحر
اللي بيتحمل دمع سفاينك
ما البحر بيضحك
فاحنا بنضحك
ما البحر بيحزن
فاحنا بنغرق
الشارع بردان
الشاي بردان
القهوه بتوزع أرواحنا على القاعدين
البحر بياخد تفاصيلنا ويبعد
واحنا مابنغرقشي يا صاحبي .




توضيح
" لنفس الواد .."

الساعه ليه واحده
واحنا بقينا اتنين
سلفني روحك يومين
وهاردها ناقصه
إلا من الحزن القديم والبحر
...................
بازفلك بشرى ميلاد كل القصايد
وارميها ع القاعدين
مين اللي داب جوايا
البحر ولا انت
الحرف فوق شط الشوارع شجن
الخوف خريف خاين لريح الورق

وأنا غصب عني
بافترق ..
وباعود

عند اكتمال الحزن
في السطر الأخير
وعند أول فضفضه
البحر كان عابر سبيل
وانت اللي ساكني
زي موج الحلم في الكراريس
عريس بيهرب م الفرح
وينام على حجر الدموع
يركني فوق رف الوجع
ويطير
لبومه فوق المادنه
هربانه

زي صوت الأصحاب
القهوه ليه مـُره
يمكن طلبنا الحزن بزياده
بزياده ياصاحبي
كل الصور ناقصه
كل الصور هاتموت .




جنة المرواح

عيل بيرمح في الفصول الضلمه
ويفك في سنين الملل شلنات
رنة خطاوي الطفل
لما تموت
وجميع بيبان الجنه مقفوله
عصافير ضلوعي تبتسم وتغيب
زي الموسيقى الطالعه م الراديو
حواديت تموت من خوفها جوايا
عقلة صباعي بتنسرق مني
والدبه بتزف العيال في البير
وبتغني
فاحاول أخرج من شقوق الصوت
طفل بينام على كتاف الشوارع
ويغازل الأحلام في حوش المدرسه
بشويش أعدي ع الرصيف البارد
أرسم حدود الكون على أدي

والعب لوحدي بالحروف
من خوف بيسرق نقشة الحنه
لجنه بتقايض ع الدخول
بالشقا
أنا .. ماملكش غير الزقزقه
يمكن يكون العمر مش مطلوق
من باب حديد مقفول على دمي
وارجع محمل ضهري بسقوط النشيد
لا حيلتي شئ م اليقين ولا م السلاح
" أقسمت باسمك يابلادي فاشهدي "
إني مانيش عاصي
ولا فدائي
لكني مرغم ع البكا ساعة الهتاف .




فـــــؤاد حــداد

مسحراتي ..
صوتي يشبه ملامحك
الله يسامحك
علمتني عشق الكلام
ومشيت
حببتني عشق البراح والغنا
والعاشق اللي اغتنى
بـ " ليمونة المحاياه "
الله عليك .. الله
" الاستيماره راكبه الحماره "
ولا ركبانا
الناس بتغوى الشقا
في دنيا شقيانه
حييت معاك الخطوه
والفلاحين
وناديت صلاح الدين
مجرى العيون ..
وصلني فم الخليج
ياقلب ياصهريج
" الريف يميل ع المدينه "
يقول لها عطشان
صوتك أدان
وأنا اللي شمرت الدماغ
والكم
آمنت بالله
" وجنه تحت قدم الأم "
والدخله بنت الحنه
والراحه بنت الهم
" والفجر بيلاقي المغرب "
من غير مايقول
" والليل يطل على الشارع
شباك مقفول "

والعمر بتحفه المخاطر
والسنين
يا مؤمنين
يا ملونين المقام
م السيده للإمام
يا بياعين العرقسوس واللوز
يا منجدين
آآآه ياعسكار رديف
دايسين على " بارليف "
يا كل صوت للشقيانين منحاش
" سلام و رد سلام
صوتك بيوحشني " .




أنا .. وانتي

مرايات ..
بتعشق ضلمة الشارع
نعيش حقيقة عمرنا اللحظه
مشطوبه م التواريخ
نلعب ..
عروسه وعريس
ونلعب النطه
من زنقة المخبر
لزنقة الأتوبيس
ياقلبي لاتحرن
العمر بنفضيه
في آخر محطه
نستنى ساعة خلودنا
ونعافر .. مع لحظه
من العمر اللي خايف
لحظه ..
بتمط الشفايف
وبتختصر فينا
لحظة شتات الصبح
في الميادين
وفي عنينا
أنا ..
وانتي
عصافير بتهرب
من نظرة الصياد
ونبلة بياعين الورد
ع الساحل
نتخطى كل المراحل
نفرش ملاية الانتظار
فوق الرصيف
نغني ..
للمجهول
أنا ..

وانتي
بنسقط ..
في الزمان الجاي .




باهرب بروحي والقدم ثابته

كل العساكر هربانين م الخدمه
وأنا أي خدمه للصحاب أتمنى
الجنه أبعد من أنين البحر
والسحر في حجاب القهاوي بيصدُف
زي الصدف وسط الحواري السد
وأنا كنت ساعة ميدان ..
واقفه على عشره
وساعة يد فوريره
زي القصيده الصح
صغيره كبيره
رمضان مداري العيد في جلابيته
وياريته بيداري ذنوب الفاطر
سهروا العساكر بره سلك الميري
مين غيري يحرس في السحور البارد
ناموا العساكر نوم تقيل وزياده
دمع البياده بلل الوقفه
العيد بعيد
لكن رجوله زاحفه
وأنا نشنجي لكن في الشقاوه برنجي
الأرض بيضا وقلبها زنجي
تشبه لصول السريه
ساعة طابور الهتاف
والشمس ساحبه نفسها خفافي
شديت لحافي لحد ماتعريت
وياريت ياصاحبي تخش في الصفحه
سطرين تلاته أربعه
أرنب ، وسحلب ، وتعلب
قاعدين على القهوه
مين فيهم الأتعب
مين فيهم الأقوى
ده يوم ده ولا ليله بسنينها
طالع لسانها م القدم للباط
ذرات تراب حلت رباط القايش

شعلقت قلبي فوق جناح طياره
حتى السيجاره نفسها مش طالع
تصريح مقطع زي حبل غسيلي
" فستان نفيسه لسه مانشفشي "
وشوش صعايده بس مش نيلي
أسفلت بيعدي على البوابه وبيمشي
وريحته ماتسدش نزيف الشوق
إيه اللي أجمل من حصان مطلوق
عصفور بيضحك في القفص !!
لا العقل زينه ولا النهار شقشق
وأنا اللي باسبق في الخلا ضلي
ياشمس هلي
لسه الشاويش هايمر كام مرّه
وأنا كنت مره شجاع ومش شايف
غير قلبي واقع مني في المخله
إيه اللي أحلى م القمر بالليل
تعسيله ع الواقف .




بارجع تاني وحيد

الدنيا سلالم مكسوره
زي السبوره
وقلب البنت اللي مطير فستانها الخوف
الحلم الساقط من عتبة أول دور
بيشد في مشهد عمري الأبيض وإسود
ويلون حزني بلون فستانها
وأنا باضحك ضحكه عجوزه
تشبه لميدان رمسيس
والصفر النايم
بعد الصفحه السابعه بيوم
كنت دقيقه بتهرب
من صدر الساعه
اللي خنقها دخان القطر
ورماها وحيده
كانت البنت أبعد م التنهيده بلحظه
أقرب للأحزان بكتير

واصغر من عمر وحيد
بيزق في ترس مصدي
ويزك سنينه العرجه
على ناصيه قديمه
بتسيب روحي المربوطه
على أول شباك
فاسقط من كل حواسي
واسكن ناصيه جديده
من غير أرقام ،
من غير أسماء ،
ورصيف يستقبل روحي العرقانه
زي الحرف اللي بيجري ورا عربية العرش
البنت المسنوده على حيطة قلبي
بتلم إزازي اللي إتبعتر في عيون الشارع
وتصره في منديلها
على تالت درجة سلم
بتفوتني مسمار معووج

على لوحة بتظبط كل حيطان الفصل
وزوايا الشارع
وبتهرب بعشر أشباح ع اليد
وغول ع الخد
بيحفظني وصايا الدرجه التالته
في القطر المخنوق
بتذاكر نايمه تحت القضبان
بتشد الحرف الباقي من صوت البنت
وترجعني ..
وحيد .




من غير حساب

كان في هنا من لحظتين جايين
عيل بيقرا الطالع
على سلمه مكسوره
مقهوره فوق الحرف
نفض تراب النظره بالنظره
لقصيده فوق السطح منشوره
والدنيا بتمطر
يامين يحزمني
وارقص عشر دواوين
في أمسية فوضى
بيني وبينها " بندقيه عجوزه "
ودنيا بتطرقع صباع الدهشه
مين اللي عبا الميه في الغربال
وبوش الضحكه
مع آخر اللي ابتدوا يتنهدوا كمدا
عمدا

وبالاكراه
الله عليك يا صاحبي يا مسافر
م الأوضه للقهوه
بيني وبينك صوره مابتكملش
وعمر مش محسوب
الدنيا متر في متر ولا أكتر ؟!
بعتر صواني الجرسونات كلها
وفرق الشربات
على أقل من مهلك
بكره الملايكه يقفوا ع النصبه
" وجهنم للي بيقبلوا البقشيش " * .

* من تسالي فؤاد حداد




مقاطع للأصدقاء
" سريعة الذوبان "

بيسافر الحلم الأبدي
بعد حدود السما بكتير
يحفر قبر لنفسه
وبيرجع حي !
.................
مطفي كل الأنوار في الكوتشي
وبيجري ..
يخطف من جيب الشارع
كل النكت البايخه والحزن الجاي
بيتمم على آخر عقب سيجاره
وينام عرقان
................
بيفرق حلويات وسجاير
وبيدخل في الممنوع
يلاقيني واقف له
على أول شفطة شاي
وبادمع
.............
بيكسر كل " الإشارات " ويعدي
يتحقق من صدق كلامه !
أو يطعن في قرار مش منه
ومخبي السكين ..
على ضفة روحي اللي بتنهج
............
كومبارس السينما الصامت
مابيطمعش في أي بطولة شعر
فأنا مضطر أحرق كل قصايده
ألعنها في سري
وأروح ندمان
...........
معلهش يابويا
" الجميزه اتسرقت "
والتين مش جاي
نفس البيوت اللي الصمت خنقها
بتتخنق تاني
من الكلام الفاضي
................
بتلم الشوك الطارح جوه ضلوعي
وتهاجر " للأرض البور "
مرّه لمحتك ..
بتناطح في العمدان المطفيه
وبتخرج م التهمه
.............
تنبيه أخير :
كل القصايد سلمت نفسها
إلا قصيده صغيره
بتقاوم السلطات
وبتحتمي بالقهوه .
............




محتاج أعيط بجد

مافضلشي غير ساعه واحده
نكتشف فيها الحزن اللي تحت البلاط
الشارع زحمه
وفاضي من أي كلام
إزاي راح أخبط
وادخلك ..
إيديا الاتنين ورا ضهري
البوم بيلم عزاله من فوق المادنه
الريح مسجون
والناس بتنام على أوراقي
زهر الطاوله بيطرى ..
ولا عجينة الحلم اللي ما خمرتش ؟!
رفوف بردانه بتصغر
إيه اللي فاضل ع الحيطان مابكاش
مين اللي لسه مادناش ضهره

مين اللي فاضل ع الرصيف صاحي
فارس قديم
مجرجره ديل الحصان
كعب داير كل الحروب
هايبتسم على إيه
الرايات بيضا
والصحاب مساكين
مين اللي واقف ع الحياد
كل العيال بتكش م المطره
حتى أنا وإنت .




لقطات من حزن قديم
" قصيده مش معصومه م الجلد "

زغلله في عيني
ولا زغاليل
بتطير الغيه
م الفرجه ع السيما
مش هيّ دي الدمعه القديمه
ولا اشتريتها جديد
مع أول الصيف اللي مابيجيش
عاوز أحزن من تاني
بس يكون الحزن أكبر مني بنمره
علشان إخواتي من بعدي
عاوز أضحك
ضحكه تكون مظبوطه عليا
السيرك اللي جوايا بينفض
وبانفض إيدي م اللعبه الساقطه
واللقطه المعتاده

وفي آخر ركن من الشاشه
بادور على كل اللقطات
اللي شايلها في جيبي
فبلاقي الروح اللي بعد روحي بتهرب
وادخل ..
بعد العرض مايبدأ
كاتب إسمي على الساعه ، والولاعه ،
وتراب الكرسي
وابدأ في لم المشهد
يقاجئني موت البطله
أحزن في سري
واسأل
مين اللي بيبطح أحلامي
ويسدها بالبن المغشوش
الحزن بينزف ..
وماعدش في بير
بقى زي لبانه في كراسي الصاله
بتدوس عليها الرجول
الهربانه ورايا
م الفلكه وعيون الناظر والحصص الفالصو
وأنا باهرب من جرس الفسحه
لما يرن على بطحة راسي ،
على ضلي ، على بقعة حزني
من ناس واصحابي والدنيا بحالها ..
الكل بيبدأ يمشي
وأنا الوحيد
اللي موكل برسالة الترسو
باكشف عن سر جديد لضلوعي
بيأثر في مرارة حلقي وفي درجة حزني
وانا راجع للبيت مهزوم
بألحق أول تروماي واتشعبط
من غير الحلم اللي نسيته بينزف
وبافرد صدري لخناقه جديده
مع ابويا أو مع نفسي

وانفد بجلدي
ع الفيلم اللي مالوش عنوان ولا قصه
ومافيهش مناظر
واهرب
من أول لقطه
في العرض الأخراني .




إتنين وعشرين

إتنين وعشرين سنه
قاعدين على حيطان البيوت
مابيسمعوش زيطه
وأنا ..
بدون توقيت
بنام على فرع زينه قديم
وفانوس مكسر
وخط طول الليل بيقصر
لحد مايطول النهار
بعجل كازوز
يشبه حصان سوارس
هربان من الحنطور
وبينطلق للخلف
بحضن رصيف مايل
وناصيه واقعه
في حفرة العمر القديم

رقاص في ساعه
ساعات يسيبها ويروح
مغلوب على أمره
في شوارع قديمه
نايمه على بعضها
مش زي نوم العازب
في بيجامة الواقفه
* * *
طالع بسيفي الخشب
أصارع الذكرى
وواد بيخاف
من الشروع في الضحك
من العياط في الصحبه
ومن العياط م الحصبه
يا مين يطلعني صوره م الألبوم
وخرزه حمره من صرة المنديل
وبريزه فكه

مفروطه فوق اليد
وأنا زي كلب الليل
اللي إنحرم م الطهر
بارفع عيني ّ في شاشة الحيطه
وباستكين للفــُرجه
إتنين وعشرين سنه .




آخر قراية كف

البنت التايهه
في ضل التوته
بتطلق آخر زغروطه
في آخر ليلة عمر
واكمني باحب أتحرر
من خوف اللعب على الأسفلت
من بصة أبويا
وأنا راجع بعد ميعاد الدرس بساعه
من ريحة أوضتي المخنوقه
وأعلن عصياني
على كل مناهج دراستي
على سور كراستي
وطبيخ البيت الساقع
واكمني باحب أدور وألف
بالقاها ورايا

بتدور ع الشلن الفضه
في ضلمة آخر الشارع
بتكسر كل حدود الرهبه
وتفك رموز الكف
وأما طالتها حوافر الموت
للمره الألف قالت :
" خط العمر طويل ماتخافش "
البنت اللي بتبكي عليا
ساعة ما أبكب عليها
بتدلدل سبت الحلم من البلكونه
وتجيب الصبح الطازه
البنت المجنونه
بتنحت كل عرايس بكره
من طين المطره
وتحل طلاسم ماعرفهاش
واكمني باحب الدنيا تمطر
وباحب إمبارح أكتر

بلقاها ورايا
بتسرق آخر خيط م الشمس
وتطير قلبي الواقف
على ريح أمشير
البنت بترفض كل خطوط الكـف
وتصرح إن
العمر
ق
ص
ي
ر .



كراكيب وهزايم


مريديان

وفيها إيه
لما العيال اللي ف روحي
تطلع عند اللزوم
ترقص وتغني وتتخانق
وفيها إيه
لما أمسك إيدها
أفركها بحنيه شديده
فيسيح الخجل المركون فوق شفايفها
والتلج النايم على بوابة عينها
نقعد في الكافي شوب شويه
ونشوف النيل
من " بروفيل " محصلش
مفيش قدامه دنيا عارفها
وعرفانى كويس
القصر العينى وبياعين الورد
اللى بتدعى على البيه
الفلسان اللى ماعدش فى جيبه
غيرربع جتيه
وشويه لب محوشهم من ورا ضهرحبيبته
الهانم العادمانه
أم رجلين معرقبه
وجزمه بتتخلص م اللون والكعب
قبل ما دربها على خطط الانسحاب
والمراوغه والهروب برشاقه
م المتردوتيل00
مش عارف ليه دلوقتى
بلاقينى لوحدى فى 26مارس
من غيرأى مناسبه
بتطلع من روحى عيال جديده
تحلم على أد الفتحه اللى فى عينها
وما بتديش ضهرها للدنيا
ولا تعرف ترقص
وتغنى
وتتخانق.




كـابــوس

هادى الفرصه لكل اللى بيزروني
يعيطوا أو يبتسموا
لما يشوفونى با توسل للصور
عشان أنزل أسلم عليهم واحد واحد
أضايفهم وأشرب معاهم الشاي
واعزم اللى يتبقى منهم
عزومه مراكبيه ع العشا
وبعد ما يمشوا أجري على الثلاجه
ملقاش غير أزايز فاضيه
فيها ريحة ذكرى م الكوكا كولا
وطبق ميلامين بيأكد إحساسى المستمر بالجوع
مليان فتافيت جبنه قريش
وعلى وشه قرنين فلفل
بدأ اللون الاسود يسيطر عليهم ببراعه شديده
فاحسد الملايكه
على إنهم مابيحلموش ولا بياكلوا
ولا بيشموا ريحة الطبيخ
بعديها ها قرر توزيع الأحلام والكوابيس
على مراتي وأولادي
عشان يبددوهم براحتهم
وأنام لأول مره
عينيا مش مفتوحين
على أى حاجه .




في الحـقـيـقـه

مش متأكد من حاجه
غير إنها بتحاول تبادلني
نظرات الفوضى
بدواوين م الشعر الكلاسيكي
وكلام عن شوقي وحافظ
وبحاول أجرجرها
لـ حَـوَاري بيرم وحياته
و " كليم " الشيخ حداد
وبلم الدنيا معاها في دايره
بتوسع وتضيق أحيانا
زي علاقتي بالبني آدمين أصحابي
وحرس الجامعه
وهواجس تانيه كتير
خلتني أشوفها بقميص النوم
واقفه على طراطيف رجليها
بتجرب رقصه جديده

دلوقتي شايفها طشاش
لأول مره من 87
لابسه النصاره
مابين رجليها ست سنين مابيشبهونيش
قاعده قدام التليفزيون
بتتابع في مسلسل ممطوط
يشبه شفايفها اللي اتعرت م الروج
وحاجات بتخاصم بعضيها
زي الدبله الفضه
وكارت بيضرب مزيكة Love Story
ومحاضره بخط إيديها
عن سقراط وعمايله
وحقيقة موته
وقصيده عجبتني لمدة يوم
كانت كاتباها عشاني
إزاي دلوقتي شايفني معاها
لأول مره

ومش متأكد من حاجه
غير إنها
بتحاول
بتحاول
وبتفشل .




رماني لمنظر خرافي ..
وسابني على باب الدهشه


كان جيبه فاضي
وقلبه مشايه حمرا اتفردت بعرض الشارع
مش عارف هوه أو واحد يشبهله
كان قاعد على نفس الشلته
في نفس الفسحايه ؟
وغاوي يغرق حجر النسوان بعياطه
آديني غيرت ريقي بحبة حياه باقيه
من آخر صوان للعزا ونزلت
مالقتهوش بيغير نبرة صوته
ويهمس بعيونه لبنت الجيران
وهيّ بتلم الغسيل
ولا الحاجات اللي بتحاوطه اتعرت لوحدها
من غير مايتعب عيونه في ظبط المسافه
يمكن بطل يشاور للبنات
اللي بيبصوا من ورا الستاير

مع إن الدنيا حر والشبابيك مفتوحه
زي ماتكون كل حاجه اتبخرت
العرق ، دخان السيجاره ،
آخر نفس بينزل السلم
ويلون الباب الحديد بلون مش فرايحي
ما كنش قصدي ألاقي حاجه بتساوي السعاده
غير ساعة ما يرمي اللي فاضل من عينيه
على سور البلكونه
واتخيله عصفور
بيعد حبـّاته اللي فاضوا من آخر عشا .




مبيض نحاس

كنت دايما بادور على أكبر فتحه
على باب القصر المهجور
بيبان لي بوضوح لوحه بهتانه
من أواخر القرن التسعتاشر
متعلقه فوق السرير النحاس
اللي كان بينام عليه
" عثمان بك رفقي "
صاحب العزبه اللي اتحولت بفعل الزمن
لمدينه سكانها من دخان العوادم
وقبل ماتظهر لعيوني سعاد
وتغصبني أشرب لمون حزنها
كان مبيض النحاس بيفرش عيونه
والرقصات البلدي والتويست والباليه
تحت سور الجراج
عرض مستمر
من أول الشمس ما تحكم قبضتها ع الشارع

لحد مايبدأ خياله يطلع ع الحيطان المجنزره
وتبدأ رجليه في هرش المشاهد
أو تآخده الجلاله على صنعته الوحيده
...................
على أول الناصيه
كانت سعاد بتفك سيل الضفاير
وتداري بصتها في عبي
المليان عطايا م البنات البايره
وسنين طويله م الرقص على ودني
اللي ما بتسمعش غير صوت البيوت
اللي صبحت زي أول حلم
والحواري السد من كل الجهات
بتهز وسطه
بسرعة نزول دمعته في المصب الأخير
تحت بير السلم .




بتفرش زغاريتها ..
وبتتحايل ع المغرمين بالحزن


أميره بتلم كل مجروحين المملكه
وتخبيهم في منديلها
من نظرات أبوها الملك
ما كنتش لسه عارف طعم النهود البرتقاني
ولا الشفايف الخمره
ولا باحفظ أرقام الصفح القديمه
ما كنتش حاجه بتـقـدَم في جسمي
غير ريحة شعرايه من ضفيرتها
على دراعي الشمال
وشوية هموم بتولف على دمي
وبتصنع عجينة ألم طعمها مر
وبتزيد مراره
وهيّ فايته بخفه علي بيوت الذكرى
تشاور بنفس المنديل
وتفرد نفس الوشوش الحزينه

كام مملكه دخلتها
لا لقيت حزين يشبهك
ولا جرحك بيصغر
ولا الأميره حلت ضفايرها
وقعدت تتسامر مع الميه
اللي مابتصفاش غير ليها
.....................
كام بلد بيسموها اسكندريه
وكام قلعه بنيتها
اتغيرت ملامحها مع كل غزو
وانت بتعد السنين
اللي ها توصلك ع الشرق
وترميك جنب أول تمثال لـ دليسبس
بيفرغ وصاياه في ودان أخوك
والبحر بيستدرج أميرته
وهو قاعد يضرب الأحزان بكـفه
ويساوم المراكبي على أي قارب
يوصله لأي شط غير ده
وأي حزن غير ده
يمكن يلاقي الشهور بتعدي
واللحظات بتفوت
ويعرف إن نص عمره اتسرق
في كتابة حقيقه بتموت
ع القهاوي
أو في القهاوي
أو م القهاوي
زي كل الممالك
والرعايا
والأميرات
والبحور
اللي بيصبوا حزنهم في كباية الشاي .




من أول لآخر نظره

كانت عيونهم مروحه
من حفلة بص ع البنات
وسابت له وهم الحواس
وخيط عنكبوت على ضحكته
خلاه يشم ريحة بارفانها الرخيص
وهيّ بتسابق ريحة عرقها
كان في عز الشتا
ويناير لسه مايعرفش المطره
وبيكش من موجة البرد اللي بتقابله
على أول رمشها
وبيتها العريان م الشبابيك
كان لسه صغير
أصغر من كف إيديها لما تشاور
وبيطلع في السر
من غير ما يقول لنفسه
يدور على أي نظره سابتها ع الرصيف

أو يستطعم ريحة المزيكا
اللي بتسرسب في الجو
وهو بيفطم نفسه ع العياط
وبيحاول يلم بقايا حزنه ويتدفى
باللي يفضل من صوت عبد الحليم
وهيّ بتدلدق من عنيها
أغنية على أد الشوق
وبتطير الخطاوي النشاز
من حجر الشارع
دلوقتي ..
هو معلق روحه
ما بين الصور والبيوت القديمه
وبيعد العيون الملونه
اللي مرت عليه
وماحدش لمسها م البشر .




لوحه للكراكيب والهزايم

ما بشوفشي قدامي غير صحابي الميتين
بيشدوا طرف العياط من عيني
ويرشوا ضحكتي حوالين قبورهم
..................
سابوني ألون وشي بألوان غريبه
وارمي عمري الفوقاني في صفيحة الزباله
يمكن ألاقي أول حبيبه
وهيّ بتطلب وردتها
وبتترجى العصافير يحوطوا ع السر
فقابلها ع الرصيف اللي فتفت عضمها

وافتكر النظره اللي قفلت عليها الباب
وأنا باتسحب لقلبها في نصاص الليالي
وبحاول أهرب م الخطين السود
اللي بيحاصروني
ووشي اللي بيتعكر م الضحك
قبل ما اتحوّل لعصفور يتيم وأحول
سنانه سودا من أول نفس
متغمس بالخوف
* * *
ها حضر لها كراكيبها
على ناصية روحي
واسيبها تستطعم ريحة العفار في هدومي
وهيه بتتفرج ع اللوحه
اللي هارسمها وأختفي
وسط القهاوي الشيك
يمكن تترميلي كل الهزايم تحت رجلي
هاختار أولها
لإني باحبها فعلا
وها سيب الباقي لصحابي
اللي ماعرفوش عن الفوضى
غير تعليق أحلامهم جوه التوابيت
وعايشين بـ وهم الفضيله .




مـسـافـات طـويـلـه

شايفها بتعزف آخر مقطوعه
للأطفال والملايكه
اللي بيحلموا بعرايس
بتغمض وتفتح وتعضعض شفايفها
من غير إيقاع ينظم حزنهم
كان وشها فاير
وعيوني بتحاول تملا الفراغ
اللي مابين كعب جزمتها والبلاط
لحد ما توصل لدموعها
وهيّ نازله من صوابع البيانو البيضا
تنوه عن غيابها
قبل ما تعقد عيونها بنظرة فراق
وتدخل تنام
وتحدفني على أيام بعيده
ما فرقتشي ما بين المزيكا وصوتها
مسافات طويله للحزن
دلوقتي هابص من زاويه وحيده
على بيوت كتيره
متستفه ع الدواليب
زي شنط السفر
وكل الحاجات القديمه اللي كانت مرتباها
وهيّ بتختفي وتسيبني للنشاز
قبل ماختار الجرس
اللي ها علقه في رقبة القــُط
والرقصه اللي تناسب جنوني .




كل حاجه هترجع لأصلها

دقنه إخشنت ،
شفايفه ملحت ،
عيونه رفت ،
رجليه بتخبط في بعضها
الدم اللي في وشه حيهرب
لوشوش الناس اللي واقفين في المحطات
شايـفــُه ...
بيحوط على نظرته اللي رماها
وشبكت في عيون واحده تشبه حبيبته
هيحاول يحسسها إنه " دون جوان "
وكل شويه يلف رقبته
ويخطف اللي يقدر عليه من مشاعر
مخبياها في شنطة إيديها
هيسيطر بصعوبه على رجفة إيده
وهيّ بتتسحب تحاول تلمس أي حاجه
شعرها المفرود ع الكرسي
أو فردة حلقها الحُمصه
أو أي حاجه طريه
وآهي تبقى مغامره يمكن يحكيها لصحابه
بعد عشر سنين
صحابه اللي مش حا يهتموا
إيه اللي رجعه دلوقتي
يركب أتوبيس نصه فاضي
من غير مايبص ع الرقم
يمكن إحساسه بتفاهة عمايله
بعد مايروح يلاقيها نايمه زي الملايكه
وبتحلم برجوعه
فيبوسها ويتأسف لها ع التأخير
ويسيبها للصبح
أو يقوم يعشيها
وينام وهوّ مفتح عنيه .




ميتا فيزيقا

هامسك دخان سيجارتي
قبل ما يكوّن أشكال تحسسني بالملل
ومش هافتكر حاجه
غير " ديوجين " وهوّ ماسك شمعته
وماشي في أول صف
بيقول وحدوووه
ويمكن أحلق زلبطه وأمشي حافي
أدور على دنيا مقاسي وبرطوشه قديمه
تناسب كمية العبط اللي فـ وشي
وشوف كل حاجه جميله
بتعدي قدام عينيا
اللي حاياكلهم الدود
وهيّ بتهمش المناظر
وبتحدد خبرتي بالعالم
صحابي وهمّا ما بيضحكوش
وشي اللي ما بيحمرش

ريحة الحكمه وهيّ طالعه م الخمارات القديمه
تطارد الأرواح الشريره
اللي ساكنه تحت جلدي
بواقي الفوضى اللي ها دفنها بإيديا ع الرفوف
واغطيها بأغاني حزايني
لماجده الرومي ومحمد منير
أكيد ها يعدوا فاتحين بقهم وبيقولوا لي : هه
وأنا با صرح إن هيّ دي الطبيعه
اللي مفيش وراها حاجه .




على باب قديم

تالت سيجاره بتتحرق
وعنيا مش شايفه
غير ترابيزه في طرف الكازينو
وأول حزن بيسلم الرايه
ويرجعني أمثل دور الملاك الطيب
يادوب ها دوب لها المزيكا
في كاس البرتقان
وبالكتير ها فرد جروحها على دراعي
واختصر كل اللي باقي م الشجن
في رقصه Slow
وما يفضلش مابيني وبينها
غير سخونة وشها
وهيّ بتلزق عيوني على صدرها
وتسيبني عند باب الحزن
تلات سنين بتعدي
وهيّ بترن الجرس
وبتحضر وشها للحُمره
وأمها بتقوم من ع الكنبه
تبص في الساعه
هيّ دلوقتي
عنيها ع البلاط
وبتاكل ضوافرها
وإيديا بتحسس على رقبتي
تعد الخرابيش
قبل ما عنيا تستف لها الحجج الباقيه
في درج التسريحه
وتقيس المسافه
مابين أول الحلم
وآخر تحويشة دموع
في حصالة عمرها
.

No comments: